أ.م.د نمير قاسم خلف

الفن المعاصر والتقنيات الرقمية

 

 أن الثورة العلمية المعرفية والتكنولوجية كانت من اهم المتغيرات ، واولى تحديات القرن الحادي والعشرين ، فالثورة العلمية المعرفية تعني ان العلم والمعرفة اصبحا من اهم عناصر الإنتاج ، والثورة التكنولوجية تعتمد اساساً على العقل البشري ، وقدراته في استخدام الحاسبات الالية ، وشبكات الاتصال الالكترونية المحلية والدولية وتطويرها ، فضلا عن علم تنظيم المعلومات وتخزينها ثم استرجاعها وإعادة تنظيمها لتحقيق اكبر فائدة منها . فالشائع بان الحاسوب (الكمبيوتر) ليس مجرد أداة تنفيذية ، بل وسيلة عجيبة تتطلب التقنية والمنهجية في الإنتاج ، منها انتاج وتوليد وابداع الاعمال الفنية الرقمية ، عن طريق اللغة الحوارية بين الفنان وبرامج الحاسوب المنتجة لها.

وفي المناهج التقليدية للأبداع الفني ، نلاحظ وجود عدد كبير من الوسائل الميكانيكية الالية يمكن استخدامها لإنتاج اعمال فنية بصرية ، الا انها ربما تعيق وتقيد حرية الابداع ، على عكس الكمبيوتر الذي يتحول الى أداة ثمينة ، او الى رديف للفنان في معالجة وبرمجة الصورة الذهنية للفكرة الأولية لديه ، وانتاجها بشكل بصري يحرص على عدم تقليل الفاعلية الفكرية والفنية ، وتحويلها الى تفكير آلي جاف ، فهو أداة تقوم بتسريع وتحرير الأفكار الإبداعية الفنية بعيداً عن النمطية والمنهجية .

ومن ذلك نجد بان الفن الرقمي Digital Art  ، هو فن يستخدم الكمبيوتر كأداة تشكيلية مستخدماً الخيال والاستحداث والتجريب ليفعل العملية التصميمية الهادفة ليخطط شكل ما وأنشائه بطريقة فاعلة لإنتاج أي لوحة فنية .

    كما ان تاريخ الفن الرقمي يظهر مدى التداخل بين التكنولوجيا والفن ، ولعله شيء طبيعي في فن يسير نحو جعل الآلات الالكترونية صانعة ومبدعة لفن لم تراه أعين البشر قبل .

وقد شهد استخدام الحاسب الالي كتقنية معاصرة أثرا فعالا في مجالات الفنون التشكيلية المعاصرة من خلال تطويع امكانياته وبرامجه المتنوعة لتحقيق صياغات فنية إبداعية بشكل معاصر يتناسب مع الثقافة والتوجهات المعاصرة ، مما أدى الى ظهور ما يعرف بالفن الرقمي وهو احد اتجاهات الفنون التشكيلية التي طورت شكل الفن للتعبير عن متطلبات الحياة المعاصرة وما رافقها من تطور علمي ، فهي بمثابة إضافة نوعية في عملية الابداع الفني

اذ افرزت الثورة الرقمية والعولمة ، فكر وفلسفة ما يعرف الان بالأشكال الرقمية (Digital Forms) والتي انتشرت بشكل واسع في شتى المجالات ، كما يمكن إيضاح ادراج فكر وفلسفة الاشكال الرقمية ضمن مفهوم النظريات التشكيلية الحديثة والتي تتجاوب مع مقتضيات هذا العصر بكل ما فيه من توجهات ونظريات متجددة .

ويمكن اعتبار الأشكال الرقمية هي تلك الأشكال المعتمدة في تصميمها على استخدام اللغة الرقمية والحاسوب كأساس للتصميم، تبع ذلك انتشار هذه الأشكال في شتى المجالات الهندسية والفنية، فجاءت تعبر عن التجارب والنظريات المتجددة للنحت والعمارة والأشكال الصناعية. فهي تمثل توجه جديد يزداد انتشاراً ويعبر عن جيل جديد من الفكر الفني، ومن اهم أسباب ظهور هذا النهج الجديد على المستوى العالمي يتضح من خلال النقاط الآتية:

  • التطور المستمر لبرامج الكمبيوتر.
  • ظهور نظام جديد متنامي من الشبكات المعلوماتية.
  • مساهمة التكنولوجيا المتقدمة في استحداث نظم تقنيات وصناعة جديدة.
  • ثقافة الرقميات وتقبل المستعملين وتجاوبهم واستيعابهم لها في انتشار هذا الأسلوب على جميع المستويات الفنية .
  • ظهور جيل جديد من الفنانين يتفاعل ويتواكب مع هذا الفكر الجديد.

ومن ذلك نستنج بانه نتيجة للإسهامات التكنولوجية في مجال الابداع ، ظهرت إعادة عرض الرؤية الفنية بصورة معاصرة ، كما طرحت هذه الاسهامات تجارب جمالية مستحدثة ومتميزة ، ولا يمكن تنفيذ هذه الابداعات الا بالحاسب الالي او الوسائط التكنولوجية . واصبحت هذه الأدوات مصدرا لإشباع الرغبة الابتكارية الفنية ،حيث تمكن الفنان من استثمار قدرات الالة فأدى ذلك الى تطور شكل الابداع .

اذ سهلت عملية التكنولوجيا الرقمية عملية تمثيل التصميم والرسم الفني والتي كان يتم القيام بها حتى قبل وجود هذه الوسائل لكن بالطرق اليدوية . لكن التأثير الكبير لهذه التكنولوجيا كان على عملية التصميم نفسها ، اذا يستخدم معظم الفنانين المعاصرين هذه الأيام البرامج الرقمية لتطوير الأفكار وليس فقط رسمها او التعبير عنها.

شارك مع: